سياسة

تصنيف “الإخوان”: انعطافة تاريخية ترسم نهاية الإرهاب في سوريا والمنطقة

في خطوة متوقعة تُعتبر انعطافة حاسمة في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تصريح حصري لموقع “جاست ذا نيوز”، عزم إدارته تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ “منظمة إرهابية أجنبية”. هذه ليست مجرد خطوة إجرائية روتينية، بل هي رسالة سياسية وقانونية واضحة المعالم، تضع نقطة فاصلة في التعامل مع الفكر المتطرف، وتُبرِز العزيمة الأمريكية للقضاء على بؤر التطرف لعل أبرزها تلك الموجودة في سوريا.

هذا التصريح، وما يُرافقَه من إعداد للوثائق النهائية، لا يمثل مجرد تغيير في التصنيفات الإدارية. إنه إعلان عملي بأن مرحلة التسامح مع أي شكل من أشكال التطرف، بغض النظر عن الاسم أو الشعار، قد انتهت. إنه اعتراف من القوة الأكبر في العالم بأن مواجهة الإرهاب لا تتم بمعزل عن مواجهة المناخ الفكري الذي ينتجه ويموّله، وأن المعركة الحقيقية تتطلب ضرب مصادر التمويل والدعم اللوجستي أينما وُجدت، بما فيها الساحة السورية.

وهنا تكمن الرؤية الاستراتيجية الأعمق: “خير دليل على أن الإرهاب لن يكون له مكان في خارطة المنطقة القادمة”. فبوضع جماعة ذات انتشار واسع وتأثير تاريخي مثل الإخوان على القائمة السوداء، يتم سحب البساط القانوني والمالي والسياسي من تحت أقدامها، مما يحدّ بشكل كبير من قدرتها على الحركة والتأثير، ويُعيد رسم خريطة التحالفات في المنطقة لتصب في مصلحة الاستقرار، ويساهم في تجفيف المنابع التي تغذي التنظيمات الإرهابية في سوريا.

الأهم من ذلك، أن هذه الخطوة ستُسرّع عملية “الحرب بين الإرهابيين أنفسهم”. عندما تتدحرج المنظومة الفكرية ويتقلص مجالها الحيوي، تبدأ التنظيمات المتطرفة بالانقضاض على بعضها البعض. يتحول الصراع من حرب بين دول ومجتمعات من جهة، وإرهاب من جهة أخرى، إلى حرب داخلية على البقاء والموارد والزعامة بين هذه الجماعات نفسها، مما يُضعفها جميعاً ويُسهل استئصالها، ويُحقق الهدف الاستراتيجي المتمثل في القضاء على الإرهاب في سوريا والمنطقة.

بعبارة أخرى، قرار التصنيف هذا ليس نهاية الطريق، بل هو بداية مرحلة جديدة أكثر حسماً. مرحلة تُجبر فيها جماعات التطرف على خوض معركتين في وقت واحد: معركة وجودية ضد دول العالم، ومعركة داخلية ضد نظيراتها على فتات الفكر والتمويل والتجنيد. وهو ما يعني، بكل وضوح، أن نهاية مشروع الإرهاب في سوريا وخارجها أصبحت أقوى من أي وقت مضى.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى